اعتبر الوزير السابق زياد بارود أن المشهد المأزوم في البلاد هو نتيجة تراكمات ولا تتحمل مسؤوليته حكومة محددة، الا أن الحكومة الحالية وباعتبارها تتولى السلطة فلا بد أن تقوم بتقديم الحلول خاصة وأن الأزمات المتلاحقة منذ العام 1990 لم تعالج في مرة من المرات بطريقة جذرية، منبها الى ان استمرار تراكم الأزمات من دون تقديم الحلول من شأنه أن يؤدي الى انفجار.
ورأى بارود في حديث لـ"النشرة" أنّه "يكفي أن يكون البلد مأزوما على مستوى قانون الانتخاب والموازنة حتى تتعقد الأمور وينزل المواطنون الى الشارع"، لافتا الى ان "اللبناني لو كان مقتنعا بأن الضرائب التي يتم فرضها عليه تذهب في الاتجاه الصحيح ولن يكون مصير مردودها مزاريب الهدر، لكان دفعها من دون اي احتجاج، لكن أزمة غياب الثقة بين المواطن والدولة وغياب خطة النهوض بلبنان ووضع حد للتهالك الحاصل فيه، هو ما يجعله ينزل الى الشارع للاحتجاج".
وتساءل بارود كيف سيتم اقرار الموازنة من دون قطع حساب، وأضاف: "هل التفاهم السياسي وحده كفيل بتعديل المادة 87 من الدستور بطريقة غير مباشرة"؟.
للتراجع عن الضرائب
وأشار بارود الى أنّ "ليس من مصلحة هذه الحكومة على الاطلاق المساهمة بزيادة منسوب التوتر"، لافتا الى ان "توجه رئيسها سعد الحريري الى المتظاهرين امام السراي الحكومي يوم الأحد للحديث معهم كانت خطوة جيدة، فلا بأس اذا حاول المسؤول التحدث الى المواطن المشتكي". وأضاف: "لكن الموضوع يتخطى رئيس الحكومة ويشمل المنظومة ككل اي الحكومة ومجلس النواب".
واعتبر بارود أن "لا بد من التراجع عن الضرائب التي ستفرض لتمويل سلسلة الرتب والرواتب باعتبارها غير مقنعة وغير مجدية"، مشددا في الوقت عينه على "وجوب اقرار السلسلة بأسرع وقت ممكن لأنّها أصلا حق مؤجل وقد باتت الى حد بعيد غير مجدية مع غلاء المعيشة الفعلي الحاصل".
واستهجن بارود "تحجّج السلطة دائما بأن الأبواب الأخرى للتمويل تستلزم وقتا"، لافتا الى انّه "لو تم اللجوء اليها قبل عامين او ثلاثة لكنّا اليوم استطعنا تمويل السلسلة من مردودها". وأضاف: "الابواب التي نتحدث عنها تكمن بوقف الهدر واصلاح قطاع الكهرباء والحد من التهرب الضريبي... لماذا لا نبدأ بطرق هذه الأبواب اليوم فنستفيد من ايراداتها خلال ثلاثة أعوام، وفي أسوأ الحالات اذا لم نستفد نحن منها يستفيد أولادنا"!.
واستغرب بارود "اعتبار البعض فرض ضرائب بنسبة 1 و 2% بالأمر البسيط"، متسائلا "كيف يبقى للبنان عندها ميزة تفاضلية"؟، وقال: "اذا كنا حقيقة نتطلع لأن يكون لبنان قاعدة ومنطلق لاعادة اعمار سوريا، كيف نرفع الضرائب على شركات الاموال لتصبح 17% في وقت أنّها في قبرص مثلا 12%"؟.
وحثّ على وجوب "معالجة موضوع المصارف بشفافية مطلقة خصوصًا وكأن هناك من يسعى لاحداث شرخ كبير بين هذه المصارف والمواطنين". واضاف: "المفروض ان يكون واضحا للمواطنين تماما ما هي الارباح التي تحققها المصارف وما الذي تدفعه من ضرائب لأن معظم المودعين هم من اللبنانيين".
الستون يطير
وتطرق بارود الى ملف قانون الانتخاب، معتبرا ان "رفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وفق قانون الستين، انما يندرج باطار استخدام صلاحياته وانسجاما مع خطاب القسم والمواقف التي أطلقها بهذا الخصوص"، لافتا الى ان "موقف الرئيس عون عمليا طيّر امكانية اجراء الانتخابات وفق قانون الستين ولم يطيّر الانتخابات".
ورأى بارود ان "الوقت لا يزال متاحا للقوى السياسية للاتفاق على قانون جديد تجري على اساسه هذه الانتخابات على ان يتم ذلك قبل 20 حزيران، فيتم اللجوء الى تمديد تقني سيسير اللبنانيون فيه في حال نتج عن التفاهم على قانون جديد". وأضاف: "ان الخيارات باتت ضيقة ومحصورة، فلا انتخابات وفق الستين مع انقضاء المهل، لا فراغ لأن أيًّا من القوى السياسية غير قادر على تحمل مسؤوليته وتداعياته كما لا تمديد لأن رئيس الجمهورية لن يوقع قانونا مماثلا غير دستوري بدون شك، ما يعني ان الخيار الوحيد هو الاتفاق على قانون جديد، بعد أن دخل مجلس النواب وحتى ايار المقبل عقدا عاديا، وهو قادر أن يجتمع ويقر القانون المنشود اذا صَفَتْ النوايا واستشعرت القيادات السياسيّة الخطر في حال لم تقم بواجباتها في هذا الاطار".